في مشهد لم يعتده الناخبون، يستعد أكثر من 59 مليون ألماني، للانتخابات الفيدرالية المبكرة، في فصل الشتاء، لأول مرة منذ 1987، بعد انهيار حكومة المستشار الألماني ، والتحالف الحاكم، ما ترتب عليه خسارة الأغلبية، وحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات تقدم عن موعدها الأصلي قرابة ثمانية أشهر.

وكانت برودة الطقس، عائقًا أمام الناخبين، إذ سجلت الانتخابات التي فاز بها المستشار هلموت كول في 1987، أقل عدل تصويت منذ 1949، وهو السيناريو الذي يخشاه المرشحون الأربعة، والذي يتدثرون بناخبيهم من برودة صناديق الاقتراع، في محاولة لحسم الانتخابات إلى جانب الأغلبية، لتسهيل تشكيل الحكومة والابتعاد عن التحالفات الصعبة، وفقًا لتقرير صحيفة "بوليتيكو".

ويتصدر زعيم المعارضة فريدريش ميرز رئيس حزب الديمقراطي المسيحي، استطلاعات الرأي بنحو 27%، وتليه مرشحة حزب البديل لألمانيا بنحو 20%، بينما يحل المستشار الحالي مرشح الحزب الديمقراطي الاجتماعي بـ17 %، ويقف روبرت هابيك مرشح حزب الخضر في رابع الترتيب بـ12 %، بحسب مركز "يوجوف" لاستطلاعات الرأي.

تمثل الانتخابات تحديًا لوجستيًا للأحزاب التي تأمل في الفوز بمقاعد في البرلمان الألماني. فقد أمضت أجزاء عديدة من البلاد الفترة الأخيرة قبل يوم الانتخابات تحت طبقات من الثلوج.

بدوره قال وزير الصحة كارل لاوترباخ من الحزب الديمقراطي الاجتماعي قبل الانتخابات: "لمكافحة البرد القارس، اشتريت معطفًا شتويًا سميكًا وطويلًا وملابس داخلية عملية، كما استخدمت أيضًا دفايات اليدين لأول مرة في حياتي، والقيام بحملات انتخابية في طقس الشتاء القارس ليس أمرًا ممتعًا بالنسبة لي".

كما كانت التجمعات الكبيرة تشكل تحديًا، فبدلاً من تنظيمها في مساحات خارجية كبيرة، تخطط الأحزاب إلى حد كبير لتنظيم فعاليات في الداخل، وهو ما يمنحها مرونة أقل في تحديد عدد الأشخاص الذين يمكنهم الحضور.

ولكن من المؤكد أن يومًا شديد البرودة قد يمنع بعض الناس من الذهاب إلى مراكز الاقتراع، فقد شهدت الانتخابات التي جرت في الخامس والعشرين من يناير في ألمانيا الغربية آنذاك أدنى نسبة إقبال على التصويت منذ عام 1949.

حتى الرجل الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيصبح مستشارًا الأسبوع المقبل يشعر بالبرد، قال فريدريش ميرز عندما سُئل عما إذا كان قلقًا بشأن الإصابة بنزلة برد أثناء الحملة الانتخابية: "تتطلب حملات الانتخابات الشتوية قدرًا أكبر من الحذر مقارنة بالتواجد في الخارج في الصيف، ويتعين علينا جميعًا أن نكون أكثر حذرًا"، وفقًا لـ"بوليتكيو".

وخسر المستشار أولاف شولتس تصويت الثقة في البرلمان الألمانى، بعد نزاع طويل الأمد حول الميزانية، إذ حصل شولتس على دعم 207 أعضاء فقط، بينما صوّت 394 ضده، مع امتناع 116 عن التصويت، ولم تكن النتيجة مفاجئة، إذ وصفها شولتس نفسه بأنها خطوة نحو تأمين انتخابات وطنية مبكرة للخروج من مأزق الائتلاف الهش الذي حكم البلاد منذ نوفمبر 2021.

والحكومة الائتلافية التي قادها شولتس، والمكونة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الخضر، والديمقراطيين الأحرار، عانت اضطرابات مستمرة، ويبدو أن الانتخابات المقبلة ستعيد رسم الخريطة السياسية، مع توقعات بتصدر الاتحاد الديمقراطي المسيحي "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" بقيادة فريدريش ميرز.