أعلن زعيم فريدريش ميرتس، بعد فوز حزبه، فى الانتخابات الألمانية، أن أولويته المطلقة ستكمن فى تعزيز أوروبا بأسرع وقت ممكن حتى تتمكن شيئا فشيئا تحقيق الاستقلال الحقيقى عن الولايات المتحدة.

وأضاف زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني فريدريش ميرتس -بحسب ما أوردت مجلة (بولتيكو) في نسختها الأوروبية- "لم أعتقد يوما أنني سأضطر لقول شئ كهذا في برنامج تلفزيوني. ولكن بعد تصريحات دونالد ترامب الأخيرة الأسبوع الماضى، أصبح واضحا أن الأمريكيين، على الأقل هذا الجزء من الإدارة الأمريكية الحالية، لا يكترثون كثيرا بمصير أوروبا".

وعلى الرغم من أنه مقرر عقد قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) فى وقت لاحق من هذا العام، إلا أن ميرتس ألمح إلى أن أوروبا قد تحتاج إلى بنية دفاعية جديدة لتحل محل الحلف.

وأضاف ميرتس : "أنا متشوق لرؤية كيف سنتوجه نحو قمة الناتو في نهاية يونيو. هل سنظل نتحدث عن الناتو بشكله الحالى أم سنحتاج إلى بناء قدرة دفاعية أوروبية مستقلة وبشكل أسرع بكثير؟".

جدير بالذكر أن هذه التصريحات تعد الأجرأ حتى الآن ردا على هجوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المستمر منذ عشرة أيام ضد حكومات أوروبا وأوكرانيا.

من جانبه، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الشعب الألماني يبدو أنه سئم من أجندة عدم الحس السليم في التعامل مع القضايا الحرجة خاصة الطاقة والهجرة، وذلك تعليقا على نتائج الانتخابات الألمانية.

وأضاف الرئيس الأمريكي - فى منشور عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"- "يبدو أن حزب المحافظين في ألمانيا قد فاز في الانتخابات الكبرى والمرتقبة للغاية"، وذلك بعد ظهور النتائج الأولية بفوز تحالف المحافظين المؤلف من حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي.

وتابع "كما حدث في الولايات المتحدة، سئم شعب ألمانيا من أجندة عدم الحس السليم، وخاصة فيما يتعلق بالطاقة والهجرة، والتي سادت لسنوات عديدة".

وأضاف ترامب: "هذا يوم عظيم لألمانيا، وللولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة رجل نبيل يُدعى دونالد ترامب.. تهانينا للجميع - المزيد من الانتصارات في المستقبل!!!".

في ذات الشأن، قال الصحفى والمؤلف الألمانى فولكر ريسينج، المعروف بتأليفه كتابا عن مسيرة المستشار الألمانى الجديد فريدريش ميرتس السياسية، إن ميرتس قادرا على تشكيل ائتلاف حكومي من تحالف الاتحاد المسيحي الديمقراطى والاتحاد المسيحي الاجتماعي والحزب الديمقراطي الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذا الائتلاف سيكون مهما ليس فقط لأوروبا بل لمجال العلاقات الدولية برمته، نظرا لحاجة ألمانيا إلى حكومة مستقرة على وجه السرعة.

وأضاف ريسينج: "فريدريش ميرتس يتمتع بخبرة دولية ربما أكثر من أي مستشار سابق، وهذا قد يكون إشارة مهمة لأوروبا"، بحسب ما أوردت وكالة أنباء (اسوشيتد برس) الأمريكية.

فيما أعرب مؤيدو الحزب الديمقراطي الاجتماعي عن تفائلهم رغم الهزيمة، وذلك على الرغم من احتلال الحزب المركز الثالث في نتائج الانتخابات.

من جانبه دعا مرشح حزب الخُضر لمنصب المستشار الألماني روبرت هابيك، ميرتس إلى "تخفيف لهجته" بعد حملة انتخابية كانت شاقة في بعض الأحيان.

ونظرا لرفض الأحزاب الأخرى التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا، يبدو أن الحزب اليميني المتطرف سيبقى في صفوف المعارضة رغم احتلاله المركز الثاني في نتائج الانتخابات. حيث قالت زعيمة الحزب، أليس ويدل: "سنلاحق الآخرين لضمان تنفيذ سياسات معقولة لبلدنا".

تجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات تأتي في سياق نتائج الانتخابات الألمانية، حيث حقق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة فريدريش ميرتس تقدما ملحوظا، بينما شهد حزب البديل من أجل ألمانيا صعودا لافتا، مما يثير تساؤلات حول تشكيل الحكومة المقبلة وتأثيرها على المشهدين السياسيين الأوروبي والدولي.

بدورها، ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية إلى أن ميرتس، الذي يصف نفسه بأنه محافظ اجتماعي وليبرالي اقتصادي، قد سحب حزب المسيحيين الديمقراطيين نحو اليمين، خاصة في قضايا الهجرة، منذ توليه قيادة الحزب خلفا للمستشارة السابقة أنجيلا ميركل في 2021.

ولفتت إلى أن المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قد انتقدت علنا ميرتس الشهر الماضي، بسبب اعتماده على دعم اليمين المتطرف لتحريك اقتراح غير ملزم بشأن الهجرة في البرلمان.

أما حزب البديل من أجل ألمانيا، فقد حقق تقدما كبيرا نحو أفضل نتيجة له في الانتخابات الفيدرالية منذ تأسيسه كحزب معارض لليورو في 2013، وأشارت استطلاعات الخروج إلى أن الحزب سيحل في المركز الثاني بعد شهور فقط من فوزه في أول انتخابات إقليمية له في ولاية تورينجن في سبتمبر.

وقالت واشنطن بوست أن حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي تصنف بعض فروعه كمتطرفين من قبل أجهزة الاستخبارات المحلية، استغل استياء جزء كبير من الناخبين القلقين بشأن الاقتصاد والمهاجرين وغير الراضين عن المؤسسة السياسية، كما يصف قادته "الأحزاب الكارتيلية".

فيما تساءلت صحيفة (ذي إيكونوميست) البريطانية اليوم حول إمكانية قيادة فريدريش ميرتس ألمانيا بنجاح ضمن مشهد سياسي مُعقد، وذلك بعد فوز حزبه الاتحاد المسيحي الديمقراطي في الانتخابات.

وقالت الصحيفة إن ميرتس يواجه تحديات كبيرة في تشكيل حكومة مُستقرة، خاصة مع صعود اليمين المتطرف وتراجع الأحزاب التقليدية، ومن هنا يلح سؤال مفاده؛ هل سيتمكن ميرتس من قيادة ألمانيا بنجاح في هذا المشهد السياسي المعقد؟.

وأشارت الصحيفة إلى أن حزب البديل من أجل ألمانيا حقق أفضل نتيجة له على الإطلاق بحصوله على ما يقرب من 20% من الأصوات، ما سيضاعف مقاعده في البرلمان الألماني (بوندستاج). فيما أشادت الزعيمة بالحزب أليس فايدل بهذا "النجاح التاريخى".

جدير بالذكر أن نسبة المُشاركة في التصويت بلغت حوالي 84%، وهي الأعلى منذ إعادة توحيد ألمانيا قبل نحو 35 عامًا.