دعم الغرب المطلق لإسرائيل جعل قادتها ينفصلون عن الواقع والدولة العبرية أصبحت مصدر خزى وتهديد ليهود العالم - عرب 365

الوطن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال نستعرض لكم: دعم الغرب المطلق لإسرائيل جعل قادتها ينفصلون عن الواقع والدولة العبرية أصبحت مصدر خزى وتهديد ليهود العالم تابعونا في السطور القادمة لمعرفة تفاصيل الخبر.

من رحم هذا المخاض الأليم، ولد كتاب نُشر هذا الشهر فى أسواق أمريكا وأوروبا، عن دار نشر «بنجوين راندوم هاوس» الأمريكية - البريطانية، حمل عنوان «العالم بعد غزة»، للمؤلف الهندى «بانكاش ميشرا». هو كاتب سياسى تُنشر مقالاته فى كبرى الصحف العالمية مثل «الجارديان» و«نيويورك تايمز» و«بلومبرج» وغيرها.

وتتميز كتاباته بقراءة الواقع من خلال منظور تاريخى، ومحاولة ربط الأحداث بجذورها التى تلقى بظلالها على المستقبل. إلا أن ما يميز كتب «ميشرا» فعلياً هو حسه الأخلاقى، وشعوره بمسئوليته الإنسانية، الذى جعله لا يتردد فى أن يعلن صراحة أن ضمير العالم يحتاج لمحاكمة من الطراز الثقيل، بعد ردة فعل كباره وقادته على ما حدث فى «غزة».

«ميشرا» يأتى من منطقة خاصة، أقرب إلى الحياد، الذى يجعله ينظر إلى ما يحدث فى الشرق الأوسط من وجهة نظر إنسانية بحتة، غير محملة بالشحنات العاطفية والتاريخية المعقدة والمتشابكة التى يحملها من ينتمون إلى الشرق أو الغرب، ممن ينقلون وجهة نظر العرب أو يستمعون إلى التفسير الغربى للأحداث.

هو على العكس، ولد فى بيئة لا تحمل عداءً خاصاً لإسرائيل، ولا ولاءً مطلقاً للعرب.

بل كان بطبيعته التى تشبه طبيعة الهند، التى ينتمى إليها، منفتحاً على ثقافات العالم المختلفة: يحتفظ بصورة شاعر الهند الكبير «طاغور» التى تجمعه مع العبقرى اليهودى الفذ «ألبرت آينشتاين»، بينما يقرأ كتابات المفكر الكبير فلسطينى الأصل «إدوارد سعيد»، أحد أهم الأصوات التى حملت الرؤية العربية للعالم الخارجى.

ينصت إلى ما يقوله الطلبة العرب الذين يلتقى بهم وجهاً لوجه فى الجامعات الأوروبية والأمريكية التى يحاضر أو يدرس فيها، ويدرك حجم المأساة والظلم الذى تعرضت له القضية الفلسطينية.

«غزة» أثبتت أن المحرقة النازية ليست آخر الفظائع الإنسانية

9705176101740415643.jpg

فى الوقت الذى لا ينسى فيه تعاطفه الواضح مع ما جرى لليهود على يد النازيين فيما عُرف تاريخياً باسم المحرقة النازية أو «الهولوكوست» خلال الحرب العالمية الثانية، وهو الحدث الذى كان له أبلغ الأثر فى الضغط على أعصاب الغرب وتأسيس دولة عبرية لليهود فى ١٩٤٨.

إلا أن هذا الاهتمام المتعمق بما تعرض له اليهود خلال المحرقة النازية لم يجعل «ميشرا» أكثر تعاطفاً مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين بعد ما جرى فى «غزة»، وهو الاتجاه الذى يظهر لدى معظم من يتناولون الصراع العربى - الإسرائيلى بعد الحرب على «غزة»، ويمنحون بسببه حقاً مطلقاً لإسرائيل فى «الدفاع عن أمنها» ولو بسحق الآخرين. «ميشرا» على العكس طرح تساؤلاً يخيم على ضميره كمتابع محايد للأحداث: كيف استطاع هؤلاء الذين ذاقوا أمرّ أنواع الظلم والعذاب الإنسانى أن يطلقوا مثل هذه الوحشية على غيرهم، كما رأى العالم فى «غزة»؟.

إجابة السؤال السابق قادت «ميشرا» إلى غوص عميق فى أسئلة تدور حول قدرة النفس الإنسانية على الشر، والحالة المتردية التى وصلت إليها الإنسانية حول العالم وهى تغض النظر عن حق شعب كامل فى الحياة والوجود، بعد أن ظن الكل أن المحرقة النازية كانت هى آخر الفظائع، وأن العالم لا يمكن له أن يكرر مجدداً مثل هذا الانتهاك للحياة الإنسانية بعد أن اكتوى ضميره بنارها.

يقول «ميشرا» فى كتابه: لقد شهد العالم الكثير خلال السنوات الأخيرة: انهيارات وأزمات اقتصادية وكوارث طبيعية ووباء عالمى وزلازل سياسية وحروب انتقامية. لكن لا يمكن مقارنة أية كارثة بما حدث فى «غزة».

لا شىء أثبت لنا بوضوح يثير الخزى مدى ضعف قدرتنا على التعاطف وضيق أفقنا ووهن تفكيرنا. لقد وجد جيل كامل فى الغرب نفسه مدفوعاً نحو النضج الأخلاقى المبكر بسبب كلمات وتصرفات وتحرك (أو عدم تحرك) كبار الغرب فى مجالات السياسة والصحافة.

تلك الحالة من القسوة الأخلاقية التى أظهرها كبار المسئولين فى الغرب تجاه فظائع «غزة»، يصفها «ميشرا» قائلاً: إن تلك الحالة من الخبث العنيد والقسوة التى أظهرها الرئيس الأمريكى السابق «جو بايدن» تجاه الفلسطينيين كانت واحدة من الألغاز البشعة التى قدمها كبار رجال السياسة والصحافة فى الغرب للعالم.

كان من السهل على قادة الغرب أن يسحبوا دعمهم غير المشروط لذلك النظام المتطرف الذى يحكم إسرائيل دون التخلى عن ضرورة مطاردة من ارتكبوا جرائم حرب فى هجوم السابع من أكتوبر ومثولهم أمام العدالة.

لماذا إذاً ظل «بايدن» يزعم أنه شاهد فيديوهات شنيعة (من فعل الفلسطينيين بقتل الأطفال الإسرائيليين) رغم أن هذه الفيديوهات ليس لها وجود؟.

لماذا خرج علينا «كير ستارمر»، رئيس الوزراء البريطانى الذى كان من قبل محامياً لحقوق الإنسان، ليؤكد أن إسرائيل لها الحق فى منع المياه وقطع الكهرباء عن الفلسطينيين، ثم يعاقب كل من يدعو فى حزب العمال البريطانى (وهو الحزب الذى ينتمى إليه) لوقف إطلاق النار فى «غزة»؟ لماذا خرجت علينا مجلة «أتلانتيك»، وهى واحدة من أعرق الدوريات السياسية فى الولايات المتحدة، معلنة بعد مقتل ما يقرب من ثمانية آلاف طفل فى «غزة» أنه «من الممكن قانوناً قتل الأطفال»؟.

ما الذى يمكن أن يفسر لجوء وسائل الإعلام الغربية إلى استخدام نبرة محايدة عند تغطية الفظائع التى ترتكبها إسرائيل، بشكل جعل من الصعب أن نفهم من الذى يفعل ماذا ولمن وتحت أى ظرف؟ كأن تقول هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) فى عنوان لها مثلاً: رجل فى «غزة» مصاب بمتلازمة «داون» يموت وحيداً، رغم أن التقرير يحكى عن قيام جنود إسرائيليين بإطلاق كلب هجوم شرس على رجل فلسطينى من ذوى الإعاقة.

الشعور بالهشاشة دفع القيادات الإسرائيلية لتوسيع نطاق الحرب العسكرية بدلاً من التوجه للسلام.. ولا أمل فيهم

ويواصل «ميشرا» محاكمته لضمير الغرب قائلاً: لماذا أطلق مليارديرات أمريكا حملات تشويه ضد المحتجين على حرب «غزة» فى الجامعات الأمريكية، ودعموا شن حملات لا تعرف الرحمة ضدهم؟.

لماذا تعرض الصحفيون وأساتذة الجامعات المدافعون عن «غزة» للفصل، وتم منع الفنانين والمفكرين من الصعود على المنصات وخشبة المسرح؟.

لماذا تم فصل الشباب من أعمالهم أو منعهم من الحصول على وظائف لأنهم تظاهروا أو تحدوا هذا الإجماع المؤيد لإسرائيل؟

لماذا قرر الغرب أن يدافع عن الأوكرانيين ويحميهم من هجوم غاشم عليهم، بينما قرر إقصاء الفلسطينيين وإبعادهم عن نطاق المسئولية الإنسانية والواجب المفروض عليها؟

ما فعله قادة الغرب بدعمهم المطلق لإسرائيل، وتجاهلهم الصادم للمجازر التى ترتكبها فى حق «غزة»، تسبب، من وجهة نظر «ميشرا»، فى الإضرار بإسرائيل بدلاً من حمايتها كما كان يتصور داعموها.

يقول صاحب كتاب «العالم بعد غزة»: لقد ظهر الآن أن رعاة إسرائيل وداعميها فى الغرب هم فى الحقيقة من أسوأ أعدائها، وأنهم قد دفعوا الدولة التى يتصورون أنهم يقومون بحمايتها نحو حالة عميقة من الهذيان والهلوسة.

إن قوى العالم الغربى صارت تعمل ضد مصالحها الخاصة، وتمنح إسرائيل معاملة مميزة كدولة مفضلة لديهم، دون أن تجد إسرائيل نفسها مضطرة إلى التعامل بالمثل.

هذه المعاملة الخاصة والمميزة لإسرائيل، التى ظهرت واضحة فى الدعم الغربى الاقتصادى والسياسى غير المشروط لها، صنع نوعاً من البيئة العازلة حول إسرائيل سياسياً واقتصادياً، الأمر الذى جعلها تنفصل تماماً عن الواقع الدولى من حولها.

هذه الحالة من «الهذيان والهلوسة» تظهر أكثر ما تظهر فى قادة إسرائيل وحكامها الموجودين حالياً، كما يرى الكتاب. يقول: لا يوجد أمل كبير فى قادة إسرائيل الحاليين.

كان من المفترض أن يدفعهم إحساسهم بعزلتهم وهشاشتهم البالغة إلى أن يكونوا أكثر تقبلاً للتسوية التى يمكن أن تمنحها اتفاقية سلام.

لكن، ومع ترسانة الأسلحة التى تغمرهم بها الولايات المتحدة، قرر قادة إسرائيل أن يزيدوا من احتلالهم العسكرى للضفة الغربية و«غزة»، وأن يستفزوا أعداءهم فى اليمن ولبنان وإيران نحو حرب أكثر اتساعاً.

هذا هو الضرر واسع المجال وبعيد المدى الذى يتسبب فيه التذكير المتكرر بالمحرقة النازية ومعاداة السامية وكراهية اليهود عبر الأجيال (الأمور التى يعتبر الغرب أنها مبرر لإسرائيل لارتكاب ما تريد من فظائع دون أن يحاسبها أحد). إن قيادة البلاد لا يمكن أن تكون منفصلة عن شعبها.

رجال الطبقة الحاكمة فى إسرائيل يعيشون فى عالم من الأساطير والوحوش من صنع أيديهم.. ولم تعد لديهم قدرة على فهم ما يحدث فى العالم من حولهم

أحد مؤرخى «الهولوكوست»: قادة إسرائيل حرصوا منذ اللحظة الأولى على ألا تكون «غزة» قابلة للحياة.. ولا يكون أمام سكانها إلا الفرار أو الموت بانكاش ميشرا مؤلف الكتاب

واليوم، تبدو كلمات المفكر اليهودى «بوعاز إفرون» أكثر صدقاً عن أى وقت مضى عندما قال: «إن الطبقة الحاكمة فى إسرائيل تتصرف كما لو كانوا زعماء طائفة، يتحركون فى عالم من الأساطير والوحوش من صنع أيديهم، ولم تعد لديهم قدرة على فهم ما الذى يحدث فى العالم حقاً، ولا على إدراك السياق التاريخى الذى أصبحت بلادهم عالقة فيه».

انفصال قادة إسرائيل عن الواقع زاد من المشاعر العدائية تجاه اليهود حول العالم، ولم تعد إسرائيل، كما كان يحلو لأنصارها أن يرددوا سابقاً، هى الملاذ الآمن لليهود حول العالم، وإنما صارت على العكس، تهديداً مباشراً لهم.

يقول الكتاب: إن منظر الحشود الإسرائيلية التى تجمعت لدعم مغتصبى أحد السجناء الفلسطينيين، أو التى تجمعت لقطع الطريق على وصول الإمدادات الغذائية لأهالى «غزة» تقدم وجهاً جديداً لإسرائيل أمام مؤيديها.

سياسة إسرائيل القائمة على المذابح والتهجير قد تؤدى لحرب حتمية وساعتها سيتعاطف العالم كله مع الأطراف العربية

لقد كان داعمو إسرائيل يحذرون من هذا السيناريو منذ عام ١٩٨٦، قبل حتى أن تسحق إسرائيل الانتفاضة الأولى بلا هوادة، وحذر بعضهم من أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الوحشية المتزايدة للمجتمع الإسرائيلى سوف تصبح أمراً لا مفر منه، ولن يكون هناك مفر أيضاً من قطع الروابط بين الدولة العبرية واليهود حول العالم، خاصة أن السياسات الإسرائيلية سوف تنتهى بتهجير جماعى ومذابح ضد السكان العرب، مما سيؤدى إلى حرب حتمية وحاسمة بين إسرائيل والعالم العربى.

إسرائيل التى كانت تحظى بدعم شعوب العالم صارت تثير مشاعر الازدراء والكراهية

ويواصل: فى تلك الحرب، فإن تعاطف ودعم العالم كله سوف يكون فى صالح العرب.

وحتى اليوم، فإن دولة إسرائيل، التى كانت تحظى من قبل بتعاطف غالبية بلدان العالم، صارت تثير لدى هذه البلدان مشاعر الازدراء والكراهية.

صار وجودها نفسه متوقفاً على خط الحياة الرفيع الممتد إليها من البيت الأبيض فى أمريكا.

وصارت الدولة التى كان من المفترض أن تكون مصدر فخر ومجد للشعب اليهودى مصدر خزى له.

يبدو هذا الأمر واضحاً كأكثر ما يكون اليوم بعد ما حدث فى «غزة»؛ لقد قام الجيش الإسرائيلى باستخدام الترسانة التى قدمتها له دول الديمقراطية الغربية بذبح وتجويع الفلسطينيين، وتسوية بيوتهم بالأرض.

قصفوا مدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم وكنائسهم، فى الوقت الذى يتهمون فيه كل من يطالبونهم بالتوقف بمعاداة السامية ومناصرة حركة «حماس»، حتى لو وصلت تلك الاتهامات إلى الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وحكومات دول مثل إسبانيا وأيرلندا وجنوب أفريقيا والفاتيكان.

ويرى الكتاب أن صناع الدعاية الإسرائيلية، الذين ظلوا مصممين على وصم كل الانتقادات الموجهة لتصرفات إسرائيل بمعاداة السامية، قد ساهموا فى نشر مشاعر العداء لليهود حول العالم، وزاد أصدقاء إسرائيل من الطين بلة، كما فعل الرئيس الأمريكى السابق «جو بايدن»، الذى ظل يردد نفس الكلام وهو يشكك فى أعداد الضحايا الفلسطينيين، زاعماً أن أمن الشعب اليهودى فى العالم كله يعتمد على إسرائيل.

لقد ظل «بايدن» حتى يوليو ٢٠٢٤، قبل أن يستبعده حزبه نفسه من سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية باعتباره عائقاً سياسياً أمام تقدم الحزب، يردد: أنه لولا وجود إسرائيل، فإن كل يهودى فى العالم سوف يكون فى خطر.

الرد على تلك المزاعم نقلها الكتاب عن «عزرا كلاين»، الكاتب اليهودى فى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الذى قال خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على «غزة»: «هل أنا كيهودى أشعر الآن بأمان أكثر؟ هل أشعر بأن هناك عداءً أقل للسامية حول العالم حالياً بسبب ما يجرى هناك فى «غزة»؟ أم أن ما يبدو لى الآن هو أن هناك تزايداً ضخماً فى المشاعر المعادية للسامية، وأن اليهود الموجودين فى أماكن أخرى غير إسرائيل صاروا أكثر عرضة للخطر بسبب ما يحدث فيها؟».

ويضيف الكتاب: هذا السيناريو الكارثى الذى يحدث حالياً حذر منه ضحايا المحرقة النازية اليهود أنفسهم، وقالوا إن مثل هذه الأساليب التى يتبعها سياسيون ليس لديهم وازع أخلاقى مثل رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق «مناحم بيجن»، وحتى رئيس الوزراء الحالى «بنيامين نتنياهو»، تحقق انتصاراً بعد الموت لـ«أدولف هتلر»، زعيم الرايخ الثالث النازى الألمانى، الذى كان مسئولاً عن المحرقة النازية ضد اليهود، وكان يحلم يإشعال الصراع بين اليهود وباقى العالم، وأن يحرم اليهود من أن ينعموا بأى تعايش سلمى مع الآخرين.

ويواصل: كان من الواضح، منذ بداية الأمر، أن القيادة الإسرائيلية الحالية، التى تعد الأكثر تطرفاً عبر التاريخ، لن تتردد فى استغلال مشاعر الهلع التى سادت بعد قيام حركة «حماس» باختطاف رهائن إسرائيليين فى ٧ أكتوبر الماضى. أعلن قادة إسرائيل أنهم يملكون الحق فى الدفاع عن أنفسهم ضد حركة «حماس»، إلا أن الواقع، كما لاحظ «عومير بارتوف»، أحد كبار مؤرخى «الهولوكوست»، فى أغسطس عام ٢٠٢٤، هو أن قادة إسرائيل قد حرصوا كل الحرص، ومنذ اللحظة الأولى، على أن يجعلوا قطاع «غزة» بأكمله غير قابل للحياة.

وأن يصيبوا سكانه بحالة من العجز إلى الحد الذى يدفعهم إما إلى الموت أو إلى السعى بكل الوسائل للفرار من أرضهم. وهكذا، وعلى امتداد شهور عديدة بعد السابع من أكتوبر، شاهد مليارات الناس حول العالم مجزرة غير عادية فى «غزة»، كان ضحاياها يقومون ببث مشاهد دمارهم لحظة بلحظة، فى محاولة يائسة وأمل كاذب بأنه من الممكن أن يفعل العالم شيئاً. لكن العالم، وتحديداً الغرب، لم يفعل أى شىء.

ويواصل: لقد كان ضحايا «غزة» يتنبأون بمصرعهم على وسائل التواصل الاجتماعى قبل ساعات من موتهم، وكان قتلتهم يتفاخرون بنشر أفعالهم على منصة «تيك توك»، لكن كان يتم تجاهل البث الحى للتصفية الجسدية التى كانت تتعرض لها «غزة»، وربما إنكارها أيضاً بواسطة أدوات الهيمنة الثقافية والعسكرية الغربية.

كان قادة الولايات المتحدة وبريطانيا يهاجمون المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

ووجهت صحيفة كبرى مثل صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تعليمات لمحرريها فى مذكرة داخلية، تطالبهم فيها بتجنب استخدام كلمات مثل «معسكرات اللاجئين» و«الأراضى المحتلة» و«التطهير العرقى».

موت الضمير الأخلاقى لقيادات الغرب أمام «غزة» أثقل الضمير الإنسانى

إلا أن هذه الحالة من موت الضمير الأخلاقى لقيادات الغرب ومراكز قوته أمام ما يحدث فى «غزة»، ألقت بثقلها على الضمير الإنسانى العام لشعوبه.

يصف «ميشرا» هذه الحالة فى كتابه قائلاً: صار كل يوم من أيامنا مسموماً بسبب إدراكنا بأنه فى الوقت الذى نواصل فيه حياتنا العادية، هناك مئات من الأشخاص العاديين يتعرضون للقتل، أو يُجبرون على مشاهدة مصرع أبنائهم أمام أعينهم.

كانت المناشدات المتواصلة من أهالى «غزة»، وهم يحذرون من أنهم على وشك الموت هم أو أحباءهم، والتى تعقبها أخبار تؤكد مقتلهم بالفعل، تزيد من تفاقم إحساسنا بالمهانة بسبب عجزنا الجسدى والسياسى عن التصرف.

وبحلول نهاية عام ٢٠٢٤، صار العديد من الأشخاص الذين يعيشون بعيداً عن ساحات القتل التى تملأ «غزة» يشعرون، ولو بدون وعى منهم، أنهم قد تم جرهم عبر ساحات ضخمة من التعاسة والفشل والعذاب والإنهاك.

وربما كان هذا الإحساس الصامت بالذنب بسبب العجز عن منع ما يحدث فى «غزة»، أو عن إعادة الحياة إلى ضمير حكام الغرب وقلبهم الذى مات، هو ما دفع «بانكاج ميشرا» لنشر كتابه فى المقام الأول.

يقول: إننى أكتب بدافع الإحساس بالذنب. هذا الإحساس الذى تحول إلى حالة إنسانية عامة وواسعة بعد حملات القتل الجماعى التى أطلقتها إسرائيل فى الشرق الأوسط وبثتها على الهواء مباشرة.

إننى أكتب بدافع هذا الالتزام الأخلاقى الذى يحمله الأحياء تجاه الموتى الأبرياء، ومن منطلق إيمانى بأن هناك نوعاً من المساندة والترابط بين البشر باعتبارهم بشراً، دون النظر لأى اعتبارات أخرى.

هذا الترابط الذى يجعل كل واحد منا يتحمل جزءاً من المسئولية تجاه كل تجاوز أو ظلم يحدث فى العالم، خاصة لو كانت هذه الجرائم تتم بعلمه أو فى وجوده.

وإذا فشلت فى القيام بكل ما يمكننى القيام به لمنع هذا الجرم، فإننى أعتبر نفسى مذنباً.

يذكر أن هذه الموضوع ( دعم الغرب المطلق لإسرائيل جعل قادتها ينفصلون عن الواقع والدولة العبرية أصبحت مصدر خزى وتهديد ليهود العالم ) قد تم نشرة ومتواجد على الوطن وقد قام فريق التحرير في موقع عرب 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل او الاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي الوطن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق