نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال نستعرض لكم: أحمد الجميري.. حنجرة ذهبية وصوت فخم ونغم أصيل تابعونا في السطور القادمة لمعرفة تفاصيل الخبر.
وهكذا، فعلى هامش هذه العوامل مجتمعة بدأت الأصوات الغنائية تظهر جيلاً بعد جيل دون حساسية اجتماعية أو محرمات دينية، في الوقت الذي كانت مثيلاتها تقمع في الأقاليم الأخرى بدعوى مخالفتها العادات والتقاليد والأعراف. وإذا كان محمد بن فارس آل خليفة وتلميذاه النجيبان ضاحي بن وليد ومحمد زويد هم المؤسسون الأوائل لفن الصوت البحريني بشكله المتميز، وأوائل من فتحوا الباب للغناء والطرب والموسيقى، فإن من جاؤوا بعدهم استطاعوا أن يطوروا الموسيقى البحرينية ويضيفوا إليها ألواناً وأبعاداً جديدة، شكلاً وأسلوباً ونغماً، بفعل ثقافتهم واحتكاكهم بالخارج وتأثرهم بموسيقى الآخر. وقد تجلى ذلك في ظهور أسماء بحرينية كثيرة، كان لكل واحد منهم ميزة خاصة واجتهاد مشهود وأثر خالد. فمن بعد عبدالله سالم بوشيخة ورائعته «شبعنا من عناهم وارتوينا»، وعلي خالد في رائعته «تسائلني»، ويوسف فوني في «يا سعدي أنا الليلة»، وعبدالواحد عبدالله في أغنيته «آه يا زماني»، برز جيل جديد من الفنانين البحرينيين الذين درسوا الموسيقى على أصولها في المعاهد المصرية، وكان أولهم حمد الدوخي الذي أحدث ضجيجاً برائعته الخالدة «وليفك غاب» وتلاه إبراهيم حبيب الذي فعل الشيء ذاته في باكورة أعماله وهي «دار الهوى دار»، ثم محمد علي عبدالله بأغنيته الرائعة «كم سنة وشهور».
على أنه لا يمكن -ونحن نتحدث عن الغناء والموسيقي في البحرين- أن نتجاوز العملاق أحمد الجميري صاحب الحنجرة الذهبية والنغمة الشجية والصوت الفخم والذائقة الموسيقية الرفيعة الذي يستحق فعلاً لقب «عميد الأغنية الخليجية» الذي أطلقته عليه جريدة «البلاد» البحرينية سنة 2024.
وُلد أحمد يوسف سعد الجميري في عام 1947 في جزيرة المحرق الشماء، ونشأ وترعرع في بيت جدّه سعد عمران الجميري بفريج العمامرة، حيث كان يلعب مع الصغار في سكيك الفريج مختلف الألعاب الشعبية، ويتشيطن ويشاغب أحياناً. وكان من نتائج ميلاده ونشأته في المحرق أن تأثر مبكراً بسماع أغاني محمد بن فارس ومحمد زويد ومجايليهما. ومن حسن حظه أنه وُلد لأب متعلم ومتذوق للشعر كان يعمل وقتذاك لدى شركة نفط البحرين (بابكو)، فكانت لديه مكتبة وجهاز راديو، وهو ما أتاح للجميري منذ صغره القراءة والاستماع لبرامج إذاعتَي «القاهرة» و«صوت العرب» الموسيقية والأدبية، والتأثر بأغاني عمالقة ونجوم الطرب والغناء في مصر، فضلاً عن تأثره بالخطاب القومي العروبي السائد آنذاك. ومن ناحية أخرى كان في بيتهما جهاز تلفزيون يبث باللونين الأبيض والأسود من محطة أرامكو بالظهران، وهذا بدوره أتاح للجميري فرصة التعرف على مظاهر الحياة خارج البحرين من خلال مشاهدة الأفلام المصرية، والتعلق بصوت وأداء نجمه المفضل عبدالحليم حافظ. يقول الجميري في حوار موسع أُجري معه أن والده حينما علم بحبه لقراءة كتب الشعر، كان يبقيه إلى جانبه أيام الجُمَع ويرشده إلى أمهات القصائد لأبي نواس والمتنبي وأحمد شوقي ويفسرها له، وهو ما ساهم في نمو ذائقته الشعرية وقتذاك، وصواب اختياره لكلمات أغانيه في ما بعد.
وهكذا، نراه في مرحلة دراسته المتوسطة بمدرسة الهداية الخليفية يدندن ببعض الأغاني لزملائه الطلبة الذين استحسنوا صوته، فأخبروا مدرس الرسم «خميس الشروقي» بذلك، فما كان من هذا المدرس الذي كان هاوياً للموسيقى وعازفاً للكمان، إلا أن أخذه من يده إلى الفنان عتيق سعيد، الذي كان يقدم من إذاعة البحرين برنامجاً أسبوعياً للأطفال بعنوان «ركن الأشبال» يُجرى فيه اكتشاف المواهب الصغيرة. قدم الجميري، وكان وقتها قد بلغ الثالثة عشرة من عمره، أغنية «مغرور» لعبدالحليم حافظ، فأرسل المستمعون رسائل الإشادة بصوته وأدائه إلى الإذاعة طالبين منها إشراكه في حلقات أخرى. وبالفعل ظهر الجميري في حلقة أخرى، تصادف تسجيلها مع زيارة الفنان المصري محرم فؤاد للبحرين لأول مرة، حيث نشأ تعارف بينهما، بل قام الجميري بغناء أغنية كان محرم فؤاد قد أعدها وسجلها بصوته خصيصاً لإذاعة البحرين أغنية (يا نسمة الخليج). ولما سمعها المطرب المصري بصوت الجميري أثنى عليه وشجعه على المواصلة.
منذ تلك اللحظة تحمّس الجميري وراح يحتك بمواطنيه الفنانين والموسيقيين، خصوصاً أحمد الفردان وعيسى جاسم اللذين كانا وقتذاك (عام 1964) قد انفصلا عن «فرقة أسرة هواة الفن» (تأسست عام 1956)، وكوّنا فرقتهما الخاصة تحت اسم «فرقة الأنوار» التي انضم لها الجميري وعازف الكمان محمد جمال وعبدالعزيز الشروقي وخميس الشروقي. انتبه أصدقاؤه من أعضاء الفرقة إلى جمال صوته وشغفه بالموسيقى فمنحوه جرعة دعم إضافية تجلت في بحثهم عن كلمات وألحان كي يؤديها الجميري كأغنية خاصة به لأول مرة. وأثمر البحث عن أغنية «أسمر ولقاني» من كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة وألحان الثنائي أحمد الفردان وعيسى جاسم، التي غناها الجميري من إذاعة البحرين وقام أحمد الفردان - كبادرة دعم إضافية- بتسجيلها على أسطوانة لحسابه الخاص في عام 1964. بعد ذلك تشجع الجميري، وقرر أن تكون أغنيته التالية من ألحانه، فسجل في إذاعة البحرين من ألحانه وكلمات عتيق سعيد أغنية «أضحك على قلب شقى»، وتلتها أغنية «يا مرحبتين كبار» من ألحانه وكلمات حسن كمال، التي سجلها في الكويت عام 1969.
كل هذه الأحداث المتلاحقة في حياة الجميري وقعت وهو طالب في المرحلة الثانوية التي كان الجميري يستغل عطلتها الصيفية الممتدة إلى ثلاثة أشهر في العمل -كمعظم مجايليه- من أجل اكتساب بعض النقود الإضافية لمواجهة مصروفاته الشخصية. فقد عمل مثلاً في إحدى العطلات بجمارك البحرين الواقعة آنذاك في الموقع الحالي لمرفأ البحرين المالي، حيث كان يزامله في العمل أحد أقاربه من ناحية والدته واسمه ابراهيم المنصوري. وفي إحدى المرات فوجئ الجميري بأن قريبه هذا يدرس الموسيقى بالنوتة لدى أحد المدربين، فلازمه وأخذ يتعلم منه التنويت ليطبقه لاحقاً في البيت على آلتَي العود والأوكورديون وهو يغني أغاني عبدالحليم حافظ.
وتمر الأيام وينهي الجميري دراسته الثانوية، فيأخذه والده إلى شركة النفط على أمل الحصوله له منها على بعثة إلى بريطانيا لدراسة هندسة البترول، فتُجرى له الامتحانات اللازمة وينجح فيها، وتُطلب منه إعادة دراسة بعض المواد العلمية في المنهج الثانوي بالإنجليزية لمدة ستة أشهر بقصد إعداده إعداداً جيداً لمواصلة تعليمه الجامعي بنجاح في المملكة المتحدة.
في هذه الأثناء كان شغفه بالفن والموسيقى يلحّ عليه بالاتجاه وجهة أخرى، أي صقل مواهبه الفنية بدراسة الموسيقى أكاديمياً، فكان بين نارين، لكنه في نهاية الأمر، قرر أن يفاتح والده بعدم رغبته في دراسة هندسة البترول، وتفضيله السفر إلى مصر لدراسة الموسيقى. وعلى الرغم من رفض والده وقيامه بمحاولات حثيثة لثنيه عمّا عزم عليه، إلا أن محاولاته باءت بالفشل فاستسلم. وقتها لم يكن في مقدوره أو مقدور والده تدبير نفقات سفره ودراسته في مصر، فلجأ صاحبنا إلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي كان قد رآه يغني في أحد الاحتفالات الوطنية، فتكرم سموه بمنحه ابتعاثاً إلى مصر على نفقة الديوان الأميري بعد أن عرف قصته وتعرف على طموحه وجديّته.
بعد انتهاء حرب حزيران 67، سافر عازف الكمان أحمد جمال إلى القاهرة للحصول على قبول بالمعهد العالي للموسيقى، فحصل على القبول له ولصديقه الجميري. وهكذا ركب الجميري الطائرة لأول مرة في 10 أكتوبر 1967 إلى مصر ليبدأ مشوار الدراسة الأكاديمية التي استغرقت عشر سنوات بدلاً من سبع، حيث كان قد تخصص في التأليف الموسيقى، ثم استبدله بتخصص الآلات، لأن غياباته المتكررة طوال السنة الدراسية في الكويت من أجل إحياء الحفلات وتسجيل أغانيه هناك بمقابل مادي يساعده على الوفاء بتكاليف المعيشة في مصر، كانت سبباً في حرمانه من دخول الامتحانات السنوية ثلاث مرات. في عام 1977 أنهى الجميري دراسته في مصر وعاد إلى البحرين، حاملاً معه أفكاراً وأحلاماً كثيرة حول تأسيس فرقة موسيقية بحرينية كبيرة، وتدريس الموهوبين وابتعاثهم، وتوثيق التراث الموسيقي، وغيرها، إلا أن تلك الأحلام لم يتحقق منها سوى تأسيس «فرقة البحرين الموسيقية» التي اقترحها وزير الإعلام الأسبق محمد المطوع، وظهرت بجهود الجميري وجهود صديقه وكيل وزارة الإعلام للثقافة والتراث الأسبق الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم، وبتمويل من القطاعين العام والخاص.
يقول الجميري عن تجربته في مصر، إنه استفاد كثيراً من دراسته التي علمته تحليل الموسيقى وشروط المقامات، كما استفاد من إقامته هناك في قراءة أمهات الكتب الشعرية، والتعرف على أساطين الموسيقى المصرية مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش ورياض السنباطي وبليغ حمدي وعازف الكمان الأشهر أحمد الحفناوي وأستاذيه عبدالحليم نويرة ويوسف السيسي، والاستمتاع بمباهج مصر الكثيرة والمتنوعة، إلى درجة أنه تزوج منها.
التجربة الكويتية
أما عن تجربته في الكويت فأخبرنا أنه راح يتردد عليها بدءاً من أواخر الستينات لتسجيل أغانيه مجاناً والحصول من ورائها على مقابل مادي مع الأشرطة لإهدائها إلى إذاعة البحرين، خصوصاً أن ذلك ساهم كثيراً في انتشار اسمه وزيادة رصيده الغنائي، حيث سجل هناك أغنية «خضر نشلج» من كلمات عبدالرحمن رفيع في عام 1969، لكنها لم تشتهر إلا بعد أن أداها عام 1974 على المسرح خلال حفل بمناسبة دورة كأس الخليج العربي الثالثة لكرة القدم، نقله تلفزيون الكويت بالألوان لأول مرة، وفي عام 1970 سجل هناك واحدة من أجمل وأرق أغانيه وهي أغنية «يا الزينة ذكريني»، من كلمات الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، وهذه لم تشتهر أيضاً إلا بعد أن غناها لاحقاً في حفلات رابطتَي طلبة البحرين في الكويت والقاهرة. بعد الكويت راح يسجل أغانيه في القاهرة، خصوصاً بعد أن طلبت منه وزارة الإعلام البحرينية إعداد أغانٍ وطنية وتسجيلها هناك بمناسبة العيد الوطني وعيد الجلوس. ومذّاك راحت شركات الإنتاج في الكويت والبحرين والقاهرة تتسابق عليه كي تسجل له.
في سنة 1986، وبمناسبة افتتاح جسر الملك فهد، نظم الدكتور غازي القصيبي قصيدة بعنوان «جسر المحبة»، فلحّنها وغنّاها الجميري بطريقة راعى فيها الروابط اللحنية التراثية التي تربط بين تراث المملكة العربية السعودية الموسيقي ومملكة البحرين من حيث فن الدانات الحجازي وفن الصوت البحريني وإيقاعات الدوسري السعودي والعرضة النجدية وغناء الغواصين ومواويلهم وفن العاشوري البحريني، فأبدع.
من أغانيه الأخرى الجميلة، أغنية «تو النهار»، التي لحّنها وغنّاها خلال يومين من كلمات الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل، الذي كتبها خصيصاً للجميري بعد أن تعرف عليه شخصياً إبان نزول سموه مع لاعبي فريق الأهلي الجداوي ضيوفاً على عميد الرياضة البحرينية الشيخ عيسى بن راشد رحمه الله، فأُعجب بها الأمير بعد سماعها، وحققت شهرة واسعة. وهناك أغنية «هلا باللي لفاني» الجميلة كلمة ولحناً، والتي حسبها الجميري من التراث فغناها، فإذا بها من كلمات البحريني مطر عبدالله، ما تسبب في خلافات ونزاعات تمت تسويتها. أما رائعته «شويخ من أرض مكناس» من كلمات الشاعر الأندلسي «أبو الحسن الششتري» وألحان خالد الشيخ، فتُعد العمل الذي أطلق اسمه في أرجاء الوطن العربي.
بحوث عدة في فن الصوت
للجميري بحوث عدة في فن الصوت، وله مشاركات كثيرة في مؤتمرات موسيقية في الكويت والإمارات ومصر، ومثّل بلاده في مؤتمرات المجمع العربي للموسيقى ومؤتمر الموسيقى العربية الذي يقام منذ عام 1992، وهو عضو في لجنة تحكيم مسابقة الأغنية التي يقيمها سنوياً اتحاد الإذاعات العربية.
اشترك مع عد من الفنانين العرب في عام 1996 في أغنية «الحلم العربي» لصالح قضية فلسطين، كما شارك 26 مغنياً عربياً وأجنبياً في تأدية أغنية «بكرة» للموسيقار والمنتج العالمي «كوينسي جونز»، دعماً لنشر الثقافة والفنون والموسيقى في أوساط الأطفال العرب بمساعدة منظمة اليونيسكو، وأشرف على إعادة توزيع وتسجيل السلام الوطني لمملكة البحرين مع أوركسترا لندن الفلهارمونيك. وفي يوليو 2018 انضم إلى الفنانين العرب المشاركين في أداء الأوبريت الوطني «شمس الحضارات»، بمناسبة الذكرى الـ19 لعيد العرش المغربي، وفي فبراير 2020 استضافته إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية في أبوظبي لأداء مجموعة من الموشّحات الأندلسية في الأمسية التاسعة من برنامج شاعر المليون.
شغل من 1986 إلى 1991 منصب رئيس مجلس إدارة جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية، وتولى ما بين 2000 و2002 وظيفة القائم بأعمال مدير إدارة الثقافة والفنون، وعُيّن منسقاً عاماً لمهرجان البحرين الغنائي حتى 2005، وعمل مستشاراً إعلامياً في وزارة الاعلام من 2003 إلى 2008.
تم تكريمه في 1998 من قبل رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان بمنحه جائزة الدولة التقديرية للعمل الوطني، وفي 2002 منحه الملك حمد بن عيسى وسام الكفاءة من الدرجة الأولى في مهرجان الوفاء، وكرّمته الدكتورة رتيبة الحفني رئيسة المجمع العربي للموسيقى بمنحه درع المجمع عام 1999، كما جرى تكريمه في «مهرجان الجنادرية 2001»، وفي مهرجان الفنون الموسيقية بالكويت عام 2011.
يقول الصحفي أحمد السماحي، نقلاً عن الموسيقار المصري القديم «كامل الخلعي» في كتابه «الموسيقي الشرقي» ما مفاد أن المغني المتمكن هو من كان صوته شجياً، وصورته مقبولة، وكلامه خالياً من عيوب النطق والتشدق، وقادراً على التحكم في طاقاته الصوتية، وهذا لعمري ينطبق على الجميري، الذي غنّى ولحّن فأجاد وشنّف الآذان وأدهش الجمهور على مدى ستة عقود.
أخبار ذات صلة
يذكر أن هذه الموضوع ( أحمد الجميري.. حنجرة ذهبية وصوت فخم ونغم أصيل ) قد تم نشرة ومتواجد على عكاظ وقد قام فريق التحرير في موقع اخبار السعودية بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل او الاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي عكاظ.
0 تعليق